تنظيم الضباط الأحرار
شهد عام 1945 انتهاء الحرب العالمية الثانية وبداية حركة الضباط الأحرار وعقب صدور قرار تقسيم فلسطين فى سبتمبر 1947 عقد الضباط الأحرار اجتماعاً واعتبروا أن اللحظة جاءت للدفاع عن حقوق العرب ضد هذا الانتهاك للكرامة الإنسانية والعدالة الدولية، واستقر رأيهم على مساعدة المقاومة فى فلسطين. وفى اليوم التالى ذهب جمال عبد الناصر إلى مفتى فلسطين الذى كان لاجئاً يقيم فى مصر الجديدة فعرض عليه خدماته وخدمات جماعته الصغيرة كمدربين لفرقة المتطوعين وكمقاتلين معها. وقد أجابه المفتى بأنه لا يستطيع أن يقبل العرض دون موافقة الحكومة المصرية. وبعد بضعة أيام رفض العرض فتقدم بطلب إجازة حتى يتمكن من الانضمام إلى المتطوعين، لكن قبل أن يبت فى طلبه أمرت الحكومة المصرية الجيش رسمياً بالاشتراك فى الحرب. فسافر جمال إلى فلسطين فى 16 مايو 1948، بعد أن كان قد رقى إلى رتبة صاغ (رائد) فى أوائل عام 1948 وجاءت القطرة الأخيرة التى طفح بعدها الكيل حين صدرت الأوامر إلىّ بأن يقود قوة من كتيبة المشاة السادسة إلى عراق سويدان التى كان الإسرائيليون يهاجمونها، وقبل أن يبدأ فى التحرك نشرت تحركاتنا كاملة فى صحف القاهرة. ثم كان حصار الفالوجا الذى عاش معاركه؛ حيث ظلت القوات المصرية تقاوم رغم أن القوات الإسرائيلية كانت تفوقها كثيراً من ناحية العدد حتى انتهت الحرب بالهدنة التى فرضتها الأمم المتحدة " فى 24 فبراير 1949. وقد جرح جمال عبد الناصر مرتين أثناء حرب فلسطين ونقل إلى المستشفى. ونظراً للدور المتميز الذى قام به خلال المعركة فإنه منح نيشان "النجمة العسكرية" فى عام 1949. وبعد رجوعه إلى القاهرة أصبح جمال عبد الناصر واثقاً أن المعركة الحقيقية هى فى مصر، فبينما كان ورفاقه يحاربون فى فلسطين كان السياسيون المصريون يكدسون الأموال من أرباح الأسلحة الفاسدة التى اشتروها رخيصة وباعوها للجيش. وبعد عودته من فلسطين عين جمال عبد الناصر مدرساً فى كلية أركان حرب التى كان قد نجح فى امتحانها بتفوق فى 12 مايو 1948. وبدأ من جديد نشاط الضباط الأحرار وتألفت لجنة تنفيذية بقيادة جمال عبد الناصر، وتضم كمال الدين حسين وعبد الحكيم عامر وحسين إبراهيم وصلاح سالم وعبد اللطيف البغدادى وخالد محيى الدين وأنور السادات وحسين الشافعى وزكريا محيى الدين وجمال سالم وهى اللجنة التى أصبحت مجلس الثورة فيما بعد عام 1950، وفى 8 مايو 1951 رقى جمال عبد الناصر إلى رتبة البكباشى (مقدم) وفى نفس العام اشترك مع رفاقه من الضباط الأحرار سراً فى حرب الفدائيين ضد القوات البريطانية التى استمرت حتى بداية 1952،فى منطقة القناة وذلك بتدريب المتطوعين وتوريد السلاح الذى كان يتم فى إطار الدعوى للكفاح المسلح من جانب الشباب من كافة الاتجاهات السياسية والذى كان يتم خارج الإطار الحكومى
وإزاء تطورات الحوادث العنيفة المتوالية فى بداية عام 1952 اتجه تفكير الضباط الأحرار إلى الاغتيالات السياسية لأقطاب النظام القديم على أنه الحل الوحيد. وفعلاً بدأوا باللواء حسين سرى عامر - أحد قواد الجيش الذين تورطوا فى خدمة مصالح القصر – إلا أنه نجا من الموت، وكانت محاولة الاغتيال تلك هى الأولى والأخيرة التى اشترك فيها جمال عبد الناصر، فقد وافقه الجميع على العدول عن هذا الاتجاه، وصرف الجهود إلى تغيير ثورى إيجابى. ومع بداية مرحلة التعبئة الثورية، صدرت منشورات الضباط الأحرار التى كانت تطبع وتوزع سراً. والتى دعت إلى إعادة تنظيم الجيش وتسليحه وتدريبه بجدية بدلاً من اقتصاره على الحفلات والاستعراضات، كما دعت الحكام إلى الكف عن تبذير ثروات البلاد ورفع مستوى معيشة الطبقات الفقيرة، وانتقدت الاتجار فى الرتب والنياشين. وفى تلك الفترة اتسعت فضيحة الأسلحة الفاسدة إلى جانب فضائح اقتصادية تورطت فيها حكومة الوفد. ثم حدث حريق القاهرة فى 26 يناير 1952 بعد اندلاع المظاهرات فى القاهرة احتجاجاً على مذبحة رجال البوليس بالإسماعيلية التى ارتكبتها القوات العسكرية البريطانية فى اليوم السابق، والتى قتل فيها 46 شرطياً وجرح 72. لقد أشعلت الحرائق فى القاهرة ولم تتخذ السلطات أى إجراء ولم تصدر الأوامر للجيش بالنزول إلى العاصمة إلا فى العصر بعد أن دمرت النار 400 مبنى وتركت 12 ألف شخص بلا مأوى، وقد بلغت الخسائر 22 مليون جنيهاً. وفى ذلك الوقت كان يجرى صراعاً سافراً بين الضباط الأحرار وبين الملك فاروق فيما عرف بأزمة انتخابات نادى ضباط الجيش. حيث رشح الملك اللواء حسين سرى عامر المكروه من ضباط الجيش ليرأس اللجنة التنفيذية للنادى، وقرر الضباط الأحرار أن يقدموا قائمة مرشحيهم وعلى رأسهم اللواء محمد نجيب للرياسة، وقد تم انتخابه بأغلبية كبرى وبرغم إلغاء الانتخاب بتعليمات من الملك شخصياً، إلا أنه كان قد ثبت للضباط الأحرار أن الجيش معهم يؤيدهم ضد الملك، فقرر جمال عبد الناصر – رئيس الهيئة التأسيسية للضباط الأحرار – تقديم موعد الثورة تاريخها التى كان محدداً لها قبل ذلك عام 1955، وتحرك الجيش ليلة 23 يوليو 1952 وتم احتلال مبنى قيادة الجيش بكوبرى القبة وإلقاء القبض على قادة الجيش الذين كانوا مجتمعين لبحث مواجهة حركة الضباط الأحرار بعد أن تسرب خبر عنها . وبعد نجاح حركة الجيش قدم محمد نجيب على أنه قائد الثورة - وكان الضباط الأحرار قد فاتحوه قبلها بشهرين فى احتمال انضمامه إليهم إذا ما نجحت المحاولة - إلا أن السلطة الفعلية كانت فى يد مجلس قيادة الثورة الذى كان يرأسه جمال عبد الناصر حتى 25 أغسطس 1952 عندما صدر قرار من مجلس قيادة الثورة بضم محمد نجيب إلى عضوية المجلس وأسندت إليه رئاسته بعد أن تنازل له عنها جمال عبد الناصر. وبعد نجاح الثورة بثلاثة أيام – أى فى 26 يوليه – أجبر الملك فاروق على التنازل عن العرش لابنه أحمد فؤاد ومغادرة البلاد. وفى اليوم التالى أعيد انتخاب جمال عبد الناصر رئيساً للهيئة التأسيسية للضباط الأحرار
وفى 18 يونيه 1953 صدر قرار من مجلس قيادة الثورة بإلغاء الملكية وإعلان الجمهورية، وبإسناد رئاسة الجمهورية إلى محمد نجيب إلى جانب رئاسته للوزارة التى شغلها منذ 7 سبتمبر 1952، أما جمال عبد الناصر فقد تولى أول منصباً عاماً كنائب رئيس الوزراء ووزير للداخلية فى هذه الوزارة التى تشكلت بعد إعلان الجمهورية. وفى الشهر التالى ترك جمال عبد الناصر منصب وزير الداخلية – الذى تولاه زكريا محيى الدين – واحتفظ بمنصب نائب رئيس الوزراء. وفى فبراير 1954 استقال محمد نجيب بعد أن اتسعت الخلافات بينه وبين أعضاء مجلس قيادة الثورة، وعين جمال عبد الناصر رئيساً لمجلس قيادة الثورة ورئيساً لمجلس الوزراء. ثم بدأت بعد ذلك أحداث الشغب التى دبرتها جماعة الإخوان المسلمين التى أصدر مجلس قيادة الثورة قراراً مسبقاً بحلها فى 14 يناير 1954 وقد تورط أيضاً بعض عناصر النظام القديم فى هذه الأحداث.وقد انعكس هذا الصراع على الجيش، كما حاول السياسيون استغلاله وخاصة الإخوان المسلمين وأنصار الأحزاب القديمة الذين كانوا فى صف نجيب وعلى اتصال به.وفى 17 أبريل 1954 تولى جمال عبد الناصر رئاسة مجلس الوزراء واقتصر محمد نجيب على رئاسة الجمهورية إلى أن جرت محاولة لاغتيال جمال عبد الناصر على يد الإخوان المسلمين عندما أطلق عليه الرصاص أحد أعضاء الجماعة وهو يخطب فى ميدان المنشية بالإسكندرية فى 26 أكتوبر 1954، وثبت من التحقيقات مع الإخوان المسلمين أن محمد نجيب كان على اتصال بهم وأنه كان معتزماً تأييدهم إذا ما نجحوا فى قلب نظام الحكم. وهنا قرر مجلس قيادة الثورة فى 14 نوفمبر 1954 إعفاء محمد نجيب من جميع مناصبه على أن يبقى منصب رئيس الجمهورية شاغراً وأن يستمر مجلس قيادة الثورة فى تولى كافة سلطاته بقيادة جمال عبد الناصر. وفى 24 يونيه 1956 انتخب جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية بالاستفتاء الشعبى وفقاً لدستور 16 يناير 1956 ـ أول دستور للثورة
رحل ذات غروب فى سبتمبر
وفى 22 فبراير 1958 أصبح جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة بعد إعلان الوحدة بين مصر وسوريا، وذلك حتى مؤامرة الانفصال التى قام بها أفراداً من الجيش السورى فى 28 سبتمبر 1961. وظل جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة حتى رحل فى 28 سبتمبر 1970عقب مؤتمر القمة العربى بالقاهرة لحل الازمة الفلسطينية الاردنية وعقب وداعه لامير دولة الكويت
أن حياة الإنسان هي وديعة لخالقه يستردها متى يشاء .. ومن ناحية أخرى فلقد كنت أدرك أنني أتعرض لمفاجآت لا حصر لها .. ولم تكن لي خشية على نفسي.. فأنى اقدر مسؤولية ما فعلت منذ اليوم الأول .. ولكن كانت الخشية على وطني.. أن آمال هذا الوطن والنتائج العظيمة التي حققها لابد أن تصان فوق كل المفاجآت
جمال عبد الناصر
أهم أعماله على الصعيد الداخلي والخارجي
ثورة 23يوليو 1952 .
فى 9ستمبر1952 الإصلاح الزراعي.
فبراير1953 توقيع اتفاقية الجلاء .
ابريل1955 مؤتمر بندونج وإنشاء دول عدم الانحياز
فى 18يونيو1956 جلاء إنجلترا عن الأراضي المصرية
فى 26يوليو1956 تأميم قناة السويس.
أول فبراير 1958 الوحدة مع سوريا .
قى 9يناير 1960 إشارة البدء لبناء السد العالي.
فى 1961 إعلان قوانين مايو الاشتراكية.
فى 25مايو 1963 مولد الوحدة الأفريقية .
قانون التأمينات الاجتماعية.
تسليح الجيش وتنويع مصادر السلاح .
مجانية التعليمأول رئيس للجمهورية العربية المتحدة التى ضمت مصر وسوريا وكانت اول وحدة عربية فى القرن العشرين تجمع دولتين عربيتين تحت رئاسة واحدة باتفاق الشعبين