نسمة أمل ~~~~~~~~~~~~~
عدد الرسائل : 8001 أوسمة ممنوحة : السٌّمعَة : 1 نقاط : -2 تاريخ التسجيل : 05/08/2007
| موضوع: عقبة بن نافع 2008-02-09, 9:53 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأمير المجاهد عقبة بن نافع فاتح بلاد المغرب مقدمة لقد أيد الله عز وجل دينه بنوعية خاصة من الرجال، اصطفاهم المولى جل وعلا، واختارهم من بين خلقه لنيل شرف المهمة الجليلة، هؤلاء الرجال الأبطال تغلغل الإيمان فى قلوبهم، وارتقت نفوسهم إلى أعلى عليين من أجل نصرة الدين، فلم يبق لهم همة ولا هدف ولا غاية فى الحياة إلا لخدمة الإسلام ونشره بين الناس، أنهم رجال آثاروا مرضات الله عز وجل بدعوة الناس للإسلام على متاع الحياة الدنيا، فودعوا الراحة والدعة والسكون وهجروا الفراش والسلامة وتركوا الديار والأهل والأحباب، وصارت ظهور الخيل مساكنهم، وآلات الجهاد عيالهم، وإخوان الجهاد رفقاءهم، فلا عجب إذا أن تنتهى حياتهم فى أخر بقاع الدنيا، فهذا يموت فى بلاد الصين وهذا فى أدغال أفريقيا وذاك فى أحراش الهند، وكلهم راض بهذه الحياة وهذه النهاية، طالما توجت حياته بأسمى ما يريد : الشهادة فى سبيل الله، وهذه قصة واحد من أئمة هؤلاء الأبطال .
*عقبة بن نافع * *هو عقبة بن نافع بن عبد القيس الفهرى، ولد قبل الهجرة بسنة، وكان أبوه قد أسلم قديماً، لذلك فقد ولد عقبة ونشأ فى بيئة اسلامية خالصة، وهو صحابى بالمولد، لأنه ولد على عهد النبى صلى الله عليه وسلم وهو يمت بصلة قرابة للصحابى الجليل 'عمرو بن العاص' من ناحية الأم، وقيل أنهما ابنى خالة .
*ولقد برز اسم 'عقبة بن نافع' مبكراً على ساحة أحداث حركة الفتح الإسلامى التى بدأت تتسع بقوة فى عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه، حيث اشترك هو وأبوه 'نافع' فى الجيش الذى توجه لفتح مصر بقيادة 'عمرو بن العاص' رضى الله عنه، ولقد توسم فيه 'عمرو' أنه سيكون له شأن كبير ودور فى حركة الفتح الإسلامى على الجبهة الغربية، لذلك أسند إليه مهمة صعبة وهى قيادة دورية استطلاعية لدراسة إمكانية فتح الشمال الأفريقى، ومعلوم عند العسكريين أن سلاح الاستطلاع هو أخطر وأهم سلاح فى أى جيش، لأنه هو الذى يحدد طريقة الهجوم بين الشجاعة والقوة والذكاء الشديد وحسن التصرف فى المواقف الصعبة، وكلها خصال توفرت فى 'عقبة' وأدركها 'عمرو' فيه، لذلك عندما عاد 'عمرو' إلى مصر بعد فتح تونس، جعل 'عقبة بن نافع' والياً عليها على الرغم من وجود العديد من القادة الأكفاء والصحابة الكبار، مما يدل على نجابة هذا البطل الشاب .
*أرسل 'عمرو بن العاص' والى مصر البطل الشاب 'عقبة بن نافع' إلى بلاد النوبة لفتحها، فلاقى هناك مقاومة شرسة من النوبيين، ولكنه مهد السبيل أمام من جاء بعده لفتح البلاد، ثم أسند إليه 'عمرو' مهمة فى غاية الخطورة، وهى تأمين الحدود الغربية والجنوبية لمصر ضد هجمات الروم وحلفائهم البربر، فقاد 'عقبة' كتيبة قتالية على أعلى مستوى قتالى للتصدى لأى هجوم مباغت على المسلمين وتعاقبت عدة ولاة على مصر بعد 'عمرو بن العاص' منهم عبد الله بن أبى السرح ومحمد بن أبى بكر ومعاوية بن حديج وغيرهم، كلهم أقر 'عقبة بن نافع' فى منصبه كقائد لحامية 'برقة' .
عقبة قائد الفتح الشمالى *ظل 'عقبة' فى منصبه الخطير كقائد للحامية الإسلامية 'ببرقة' خلال عهدى عثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب رضى الله عنهما، ونأى بنفسه عن أحداث الفتنة التى وقعت بين المسلمين، وجعل شغله الشاغل الجهاد فى سبيل الله ونشر الإسلام بين قبائل البربر ورد عادية الروم، فلما استقرت الأمور وأصبح معاوية رضى الله عنه خليفة للمسلمين، أصبح 'معاوية بن حديج' والياً على مصر، وكان أول قرار أخذه هو إرسال عقبة بن نافع إلى الشمال الأفريقى لبداية حملة جهادية قوية وجديدة لمواصلة الفتح الإسلامى الذى توقفت حركته أثناء الفتنة وذلك سنة 49 هجرية .
*كانت هناك عدة بلاد قد خلعت طاعة المسلمين بعد إشتعال الفتنة بين المسلمين، منها 'ودان' و'أفريقية' و'جرمة' و'قصور خاوار'، فانطلق الأسد العنيف عقبة ورجالة الأشداء على هذه القرى الغادر أهلها وأدبهم أشد تأديب، فقطع أذن ملك 'ودان' وأصبع ملك 'قصور كوار' حتى لا تسول لهم أنفسهم محاربة المسلمين مرة أخرى [مع العلم أن هذا الأمر لا يجوز شرعاً لأنه مثاه ولكن عقبة اجتهد فى تأديبهم بما يردعهم عن المعاودة للخلاف] .
*بعد أن طهر عقبة المنطقة الممتدة من حدود مصر الغربية إلى بلاد أفريقية 'تونس' من الأعداء والمخالفين، أقدم عقبة على التغلغل فى الصحراء بقوات قليلة وخفيفة لشن حرب عصابات خاطفة فى أرض الصحراء الواسعة ضد القوات الرومية النظامية الكبيرة التى لا تستطيع مجاراة المسلمين فى حرب الصاعقة الصحراوية، واستطاع عقبة وجنوده أن يطهروا منطقة الشمال الأفريقى من الحاميات الرومية المختلفة ومن جيوب المقاومة البربرية المتناثرة .
تأسيس مدينة القيروان *لم يكن عقبة بن نافع قائداً عسكرياً محضاً فقط، بل كان صاحب عقلية مبدعة وفكر استراتيجى فذ وهو يصح أن يطلق عليه خبير بشئون المغرب والشمال الأفريقى، ومن خلال حملاته الجهادية المستمرة على الشمال الأفريقى، أدرك أهمية بناء مدينة إسلامية فى هذه البقاع وذلك لعدة أسباب من أهمها :- 1. تثبيت أقدام المسلمين والدعوة الإسلامية هناك وذلك أن عقبة قد لاحظ أمراً هاماً أن أهل الشمال الأفريقى إذا جاءهم المسلمون يظهرون الإسلام وإذا انصرفوا عنهم رجعوا مرة أخرى إلى الكفر، فكان بناء مدينة إسلامية خير علاج لهذه الظاهرة الناجمة عن غياب قاعدة إسلامية ثابتة للإسلام لنشر الهدى والنور وسط ظلمات البربر . 2. ضرورة تكوين قاعدة حربية ثابتة فى مواجهة التهديدات الرومية المتوقعة بعد فتح الشمال الأفريقى . 3. أن تكون هذه المدينة دار عزة ومنعة للمسلمين الفاتحين، ذلك لأنهم تفرقوا فى البلاد كحاميات على المدن المفتوحة، وهذا التفرق قد يورث الضعف والوهن مع مرور الوقت خاصة لو دهم عدو كبير العدد هذه البلاد.
** لهذه الأسباب وغيرها قرر 'عقبة بن نافع' بناء مدينة القيروان فى القرن الشمالى الإفريقية فى مكان تتوافر فيه شروط الأمن الدعوى والحركى للمسلمين بحيث تكون دار عزة ومنعة وقاعدة حربية أمامية فى القتال ومنارة دعوية علمية لنشر الإسلام، وانطبقت كل الشروط المطلوب توافرها فى منطقة أحراش مليئة بالوحوش والحيات، فقال له رجاله [إنك أمرتنا بالبناء فى شعاب وغياض لا ترام، ونحن نخاف من السباع والحيات وغير ذلك من دواب الأرض]، وكان فى عسكره خمسة عشر رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجمعهم وقال إنى داع فأمنوا، وبالفعل دعا الله عز وجل طويلاً والصحابة والناس يأمنون،، ثم قال عقبة مخاطباً سكان الوادى [أيتها الحيات والسباع، نحن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارتحلوا عنا فإنا نازلون، ومن وجدناه بعد ذلك قتلناه] فحدثت بعدها كرامة هائلة حيث خرجت السباع من الأحراش تحمل أشبالها والذئب يحمل جروه، والحيات تحمل أولادها، فى مشهد لا يرى مثله فى التاريخ فنادى عقبة فى الناس [كفوا عنهم حتى يرتحلوا عنا] وهكذا يصل الإيمان والثقة بالله عز وجل لهذا المستوى الفائق من اليقين بنصرة الله عز وجل وتأييده ومدده، فهذا هو البطل المجاهد يصل به الإيمان والكرامة لئن يتكلم مع ال*****ات البهائم التى لا تعقل ولا تفهم، فيطيعونه ويسمعون أوامره، وهكذا يصبح الكون كله ومن فيه مسخراً لخدمة المجاهدين وغايتهم السامية.
*استمر بناء مدينة القيروان قرابة الخمس سنوات، حتى أصبحت القيروان درة المغرب وشيد 'عقبة' بها جامعاً كبيراً أصبح منارة العلم وقبلة طلاب العلم والشريعة من كل مكان، وملتقى للدعاة والعلماء والمجاهدين، وأصبح جامع القيروان أول جامعة إسلامية على مستوى العالم وذلك قبل الأزهر بعدة قرون
تقبلو مني فائق التقدير والاحترام
| |
|