منتديات الفرسان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الشلوخ عادات وعلامات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
وردة
فارس(ة) محترف
فارس(ة) محترف
وردة


عدد الرسائل : 1161
العمر : 39
السٌّمعَة : 0
نقاط : -3
تاريخ التسجيل : 18/06/2008

الشلوخ  عادات وعلامات Empty
مُساهمةموضوع: الشلوخ عادات وعلامات   الشلوخ  عادات وعلامات Empty2008-09-03, 2:41 pm

( الشلوخ ) عادات وعلامات

كانت الأُسَر في المجتمع السوداني تحرص على أن ترتدي الفتاة منذ فجر صباها ما يُعرَف بالرّحط، وهو عبارة عن "سيور" ذات لونٍ ورديٍ جميلٍ تُشبَك لتتدلّى على جانبٍ واحدٍ من شعر الفتاة. ويُرتدى الرّحط ليدلّل على عذرية الفتاة التي كانت تمشط شعرها بأسلوبٍ دقيقٍ ينمّ عن مهارةٍ فائقةٍ. وتُستَخدَم في تلك العملية التي تُعتَبَر شكلاً من أشكال الزّينة خلطةٌ من الطّيب تثسمّى الرّشة، وهي عبارة عن عطر المحلب المسحوق المخلوط بالصّمغ العربي الذي يبرم به الجزء الأخير من كلّ ضفيرةٍ من ضفائر شعر الفتاة. وهذه البنت السّودانية التي كانت ترتدي الرّحط، وهي لم تتجاوز السّابعة من عمرها، كانت تُعاني الخوف والقلق النّفسي لأنها تتهيأ في هذه السّن للإقبال على عمليةٍ مؤلمةٍ جدًا، تنتظرها عاجلاً أم آجلاً لتزفّها للدخول إلى مرحلة النّضج وفقًا للمعايير الإجتماعية السّائدة حينها.

تلك العملية هي عملية الشّلوخ وهي جروح طوليّة تحدّد خدّي الفتاة على الجانبين، وتُعتَبر أيضًا مظهرًا من مظاهر التّجميل وتزيين وجه الفتاة على نحو ما كان معروفًا حينها. وكانت الفتاة تترقّب في وجلٍ وخوفٍ ورعبٍ شديدٍ ذلك اليوم وهي لا تقوى على معارضة أهلها. وتُعتَبر عملية الشّلوخ عمليةٌ بشعةٌ ومؤلمةٌ تقوم بها في الغالب امرأةٌ لا تعرف شيئًا عن الأدوات الصّحية ولم تسمع عن التّعقيم والجراثيم التي تصيب الجروح ولا تحسّ بخطورة هذه العملية المؤلمة، وتنفّذها من غير رحمةٍ، ولكنها تحمل الموس الحاد بكلّ اطمئنانٍ وتُخطّط خطًا على جبين الفتاة لتكمل ستّة أو ثمانية أو عشرة خطوطٍ بِطُول الخدّ في الغالب، وسط صراخ الفتاة من جراء الألم المُبرح، وهي تحاول الإفلات من دون جدوى من قبضة نساءٍ قويّاتٍ لا تعرف قلوبهن الرّحمة أو الشفقة على الضحية المغلوبة على أمرها، وتمسك أولئك النسوة بذراعي الفتاة ويثبّتنها حتى تكتمل العملية المؤلمة وسط الصّراخ الشّديد والألم.

بعد ذلك تُغسَل الجروح ويُوسّع كلّ واحدٍ منها ثم يلصق عليه القطن المشبّع بالمحلبية والقطران ويزداد الألم ، وتتعذّب الفتاة المسكينة عدّة أسابيعٍ وهي تعاني آلامًا مبرحةً نتيجةً للحمى الشديدة وتورّم الخدود. ويكون سرور الأهل عظيمًا كلّما كانت الشلوخ عميقةً وعريضةً في خدود البنت اليانعة. وعلى الرّغم من خطورة هذه العملية، إلاّ أنّها كانت تُعتَبر مظهرًا من مظاهر الزّينة والجمال بالنّسبة للمرأة السّودانية.

تفيض الأغاني الشعبية لشعراء ذلك الزمن بالنّماذج التّي تغنّت بجمال الشّلوخ، إلاّ أنّ الوعي قد انتشر وتحرّرت المرأة السّودانية من هذه العملية.

ويستعمل السودانيون كلمة "الشلوخ" أو "الفصائد" للدلالة على الخطوط المرسومة على الخدود من أثر العضد بالموس ولا يشمل هذا المفهوم العلامات المرسومة على الجباه كما هو الحال عند القبائل النيلية في جنوب السودان، أو العلامات الناتجة عن الكي بالنار أو بعض المواد المحرقة على الوجه مثل ما يوجد عند النوبة في كردفان (غرب السودان).

ويضع السودانيون"الشلوخ"أساساً للتمييز بين قبيلة وأخرى وأيضاً بقصد الزينة, والشلوخ عادة عربية وسمة تميز العرب عن سواهم من الشعوب الوطنية الأخرى؛ كالنوبيين ومن نزحوا إلى السودان خلال القرن التاسع عشر كالمصريين والشوام والأتراك، ولم يعثر على إشارة صريحة لانتشار عادة الشلوخ بين العرب في جزيرتهم، لكن العرب يستعملون ألفاظاً أخرى للدلالة على عمليات شبيهة بالشلوخ كالفصد والوسم والوشم واللعوط والمشالي.

ولفظة"الشلخ"وردت في تاج العروس بين جواهر القاموس، وفيها أن الشلخ هو الأصل والعرق (ونجل الرجل)، والشلخ عند العامة لحاء الغصن والشجرة.

أما الفصد؛ فهو قطع العرق وفصد المريض أي شق عرقه والفصاد أو"الفصادة"كما تعرف في العامية السودانية علاج لكثير من الأدواء في هذه البلاد؛ فكثيراً ما يفصد رأس الطفل إذا ظن أنه كبر عن حجمه الطبيعي فصدين في مقدمة الجبهة وآخرين في مؤخرتها.

الوسم: هو أثر الكي والجمع وسوم والوسام ما يوسم به البعير، أما الوشم؛ فهو ما تجعله المرأة على ذراعها بالأبرة ثم تحشوه بالنار ومعروف أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن الوشم لأنه يغير صنع الله - تعالى - وفي فترة من الفترات كان الوشم منتشراً في السودان بين النساء خاصة وشم اللثة والشفة السفلى وتعرف هذه العملية بـ (دق الشلوفة) وتجري عندما تقترن الفتاة.

ومع انتشار الوعي الثقافي والتحرر من العادات البالية؛ فإن قلة من النساء قد أخذن في وضع وشم جديد على وجوههن ويعرف هذا الوشم (بالنقرابي) وهو عبارة عن حرف (T) يوشم على عظمة أحد الخدين"الخد الأيسر"غالباً، وهو يماثل أحد الشلوخ المستعملة حالياً في السودان، ويعتقد أن النقرابي يضفي جمالاً على وجه المرأة.

ويقول بعض المختصين بدراسة الفلكور الشعبي النوبي: إن مصر القديمة وهي أكثر البلاد تأثراً بالثقافة السودانية عرفت الوشم؛ فقد شوهد الوشم على تماثيل بعض المصريات التي يرجع تاريخها إلى قبل عهد"الأسرات"، وبعض العلماء يرجعون أن الوشم حقيقة وجد على ثلاث موميات لنساء من الأسرة الحادية عشر، ويؤكد اكتشاف هذه الموميات أن عادة الوشم يمكن أن يؤرخ لها ببداية المملكة الوسطى في مصر.

وفي منطقة جنوب السودان ما زالت علامات التمييز معروفة عند القبائل النيلية وهي أكثر اتقاناً وتفصيلاً مما نجده عند سكان الجزء الشمالي من السودان. كما أنها تحمل مدلولات قبلية واجتماعية وجمالية متعددة وتتمركز علامات التمييز عند القبائل النيلية على (الجبهة) إلا أنها تختلف في تفصيلها؛ فعند قبيلة (الشلك) عبارة عن فصدين اثنين أو ثلاث فصدات أفقية طويلة متوازية، ولقبيلة (النوير) ستة خطوط مماثلة، أما قبيلة (الدينكا) فتقطع على شكل حبات بارزة تنتظم أسفل الجبهة.

وفي المناطق الشمالية من السودان وهي الأكثر تمسكاً بعادة الشلوخ نجد انتشار الشلوخ ذات الخطوط العمودية الثلاثة وكذلك الخطوط الأفقية وهذه الشلوخ منتشرة في هذا الوقت عند قبيلة (المحس) وشلوخهم طويلة ورفيعة، وعند قبيلتي (الدناقلة والبديرية) تجد الشلوخ طويلة وعميقة وعريضة تملأ سائر الخد.

وفي واقع الأمر؛ فإنه مع التزام القبيلة بشلخ واحد على صورة معينة؛ فإن الشكل النهائي لذلك الشلخ يختلف في بعض تفاصيله عن بطن لآخر وحتى بين أفراد الأسرة الواحدة ويرجع ذلك إلى الطريقة التي يختارها (الشلاخ) - من يقوم بعملية الشلخ-، وعادة ما تجري عملية الشلوخ للذكور في سن مبكرة لا تتجاوز الخامسة على الأرجح، وتؤخر عند الإناث ربما حتى يبلغن العشر سنوات، حيث تتفتح معالم الوجه ويكتنز لحماً حيث يسهل على (الشلاخ) اختيار الصورة المناسبة للشلخ.

ومن الشلوخ المشهورة في السودان: الشلخ ذو الثلاث خطوط عمودية وهو ينتشر عند قبيلة(الجعليين) في شمال السودان، وكذلك هناك شلخ (السلم) ذو الدرجة الواحدة وهو كالحرف (H) بالحروف الإنجليزية، ومن شلوخ الجعليين أيضاً (الواسوق) وهو كالحرف (T) ويسميه البعض (درب الطير)، وقد اكتسب هذا الشلخ مفهوماً طائفيًّا فيما بعد.

وتنفرد قبيلة (الشايقية) في السودان بشلخ خاص بهم، وهو عبارة عن ثلاثة خطوط أفقية متوازية يمتد أوسطها من عند الفم حتى أقصى الخد.

أما قبيلة (العبدلاب) في شمال السودان الغربي فلنسائها شلخ خاص بهن، عبارة عن ثلاثة خطوط عمودية تسند على خط أفقي يسمى"العارض"ومن نساء قبيلة العبدلاب انتقل العارض إلى المناطق الأخرى حيث فضلته كثير من النساء على سواه لجمال منظره.

وفي المنطقة الوسطى من حوض وادي النيل ازدهرت الشلوخ ذات المدلول القبلي، ومنها انتقلت نفس الشلوخ إلى بعض أقاليم السودان الأخرى عندما هاجر ممثلو القبائل التي كانت تعيش في تلك المنطقة سعياً وراء الرزق والتجارة؛ فحملت نماذج من الشلوخ معها ومنها انتقلت إلى بعض المجموعات على سبيل التقليد أو نتيجة الاختلاط وارتباط عادة الشلوخ بأنها شارة قبلية تميز قبيلية عن الأخرى، ما لم يقلل من المضمون الجمالي للشلوخ، خاصة عندما قلت الحاجة للتمييز بين القبائل لاستتباب الأمن عامة ونتيجة التداخل بين تلك الجماعات القبلية، فعندها اكتسبت الشلوخ مفاهيم جديدة منها الجمالي ومع أن النساء كن في مبدأ الأمر يلتزمن بتلك الشارات القبلية كالرجال تماماً؛ إلا أن قلة تعرضهن للأخطار وهن في (الحضر) وعدم خروجهن خارج حمى القبيلة جعل الاحتفاظ بالشلوخ ذات المفهوم القبلي أقل ضرورة لهن.

ولكن تشريط خدود النساء بتلك الشارات القبلية مع ما تحدثه من تشويه لخلقة الخالق – جل صنعه- قد خلقت نوعاً من الاعتقاد بين عامة الناس بأنها تضفي حسناً وجمالاً على المرأة بل تكسب وجهها سحراً.

وقد أبقت (الشلاخات) (جمع شلاخة) على الشارات القبلية في صورتها التقليدية البسيطة التي تشبه شلوخ نساء البادية في الوقت الحالي دون زخرف أو صنعة ولكن بمرور الزمن اتسمت تلك الفصدات عند نساء الحضر بالطول والعمق والتنوع، ومازالت عملية التشليخ مهنة فنية دقيقة تقوم بها شلاخات متخصصات يتوسمن في صنعتهن ما يرضي الذوق وما يناسب وجه المرأة ولوحظ أن عامة السودانيين كانوا يفضلون الشلوخ الطويلة العريضة والعميقة المرسومة على وجه عريض أو (مستدير) ومكتنز باللحم إذ إنها تبدو منتفخة ومن ثم أكثر جاذبية منها على المرأة النحيفة.

وقد تأثر السودانيون بهذا المفهوم الجمالي من عملية الوشم التي تزين وجوه كثير من النساء في أجزاء واسعة من الشرق الأوسط، ولكن سواد بشرة السودانيات قد لا يساعد كثيراً في إظهار الوشم ولذا تقل قيمته الزخرفية ولهذا اكتفين بإجراء عملية الوشم على الشفتين كما هو الحال عند كثير من السوادنيات حتى وقت قريب، ومن ثم وجدن في الشلوخ زينة تعوضهن عن الوشم


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الشلوخ عادات وعلامات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الفرسان :: اسرة الفرسان الثقافية :: عادات وتقاليد-
انتقل الى: