هو علم تعرف به صحة أوزان الشعر العربي حين تُعرض عليه، فيكشف مواطن الخلل فيها، وبذلك يتبين موزون الشعر من مختلِّهِ، فيأمن حينذاك الناظم من اختلاط البحور بعضها ببعض. وقال أحدهم :
بها النقصُ والرُّجـحان يدرِيـهما الفـتى *** وللشعر ميزانٌ يُسـمى عَـروضُهُ
معاني العَروض
يطلق العَروض لغة على الناحية، وعلى الطريق في عُرض الجبل، وعلى فحوى الكلام ومعناه، وقيل سمي هذا العلم عَروضا لأن الشعر يعرض عليه، أي يقابله.
نشأة علم العَروض
أول من وضع الأوزان واستنبط هذا العلم وأخرجه من الوجود الخليل بن أحمد الفراهيدي، فوضع كتابا سماه العَروض، ضمّنه خمسة عشر بحرا، ثم زاد فيه تلميذه الأخفش الأوسط بحرا سمّاه الخبب
لماذا وضع هذا العلم؟
بسبب دخول الدول من الفرس والروم والأحباش في الإسلام، ودخول لغات عديدة في إطار العرب والإسلام، فحاول الجميع التحدث باللغة العربية لغة القرآن الكريم بطريقة غير سليمة فبدأت تظهر أخطاء في الشعر مثلما ظهرت أخطاء في النحو. ومثلما وضع أبو الأسود الدؤلي علم النحو لحماية اللغة العربية من التلحين، وضع الخليل الفراهيدي علم العَروض لحفظ اللسان من الخطأ في الشعر
مفهوم الشعر
هو كلام منظوم يقوم على وحدتي الوزن والقافية، وحين يخلو الكلام من الوزن والقافية فهو النثر وإما يكون المرسل فإذا اشتمل على ما يشبه القافية، بلا وزن فهو النثر السجع
القصيدة العربية
هي مجموعة من الأبيات تلتزم وزنا شعريا وقافية واحدة، أي تعتمد في نظمها على وحدتي الوزن والقافية معا، ويقصد بوحدة الوزن أن يكون عدد التفاعيل في كل بيت من أبياتها واحدا، ووحدة القافية يقصد بها التزام حرف واحد للروي في جميع أبيات القصيدة. وفي المتعارف أن الحد الأدنى للقصيدة سبعة أبيات وليس لها حد أقصى، فإذا طالت كثيرا سميت (مطولة) وإذا نقصت عن سبعة أبيات أُطلق عليها (مقطوعة – مقطّعة) وحين تتقلص إلى بيتين أو ثلاثة أبيات تسمى (نتفة)
الوزن العروضي
الوزن الشعري سياق موسيقي ملحوظ في الكلام، يأتي نتيجة لانتظام أصوات الحروف الهجائية في سياق لفظي تنتظم فيه الحركات والسكنات وفق ترتيب خاص والوزن العروضي هو أن تقارن الحركات والسكنات الموجودة في بيت الشعر الذي تريد اكتشاف صحة وزنه بالحركات والسكنات التي تقابلها في تفاعيله
بيت الشعر
هو وحدة القصيدة في مبناها لا في معناها. فالقصيدة قد تدور كلها حول معنى واحد، كما هو الحال في أكثر الشعر الحديث، أو تتناول موضوعات شتى كما يظهر في الشعر الجاهلي
أقسام البيت
ينقسم بيت الشعر إلى قسمين متساويين، يسمى الشطر الأول منهما (صدرا) ويسمى الشطر الثاني (عجزا)، والشطر الواحد يتألف من تفعيلة واحدة تتكرر أو تفعيلتين تتعاقبان
العروض
هو التفعيلة الأخيرة من صدر البيت. وهو أهم تفعيلة من البيت كله، لأن بناء القصيدة – بأكملها – يقوم عليها
الضرب
هو التفعيلة الأخيرة من عجز البيت، وهو التفعيلة التي تلي العروض من حيث الأهمية، لأنها تحدد ما يجب أو يجوز أن تكون عليه صدور الأبيات
الحشو
هو جميع تفعيلات البيت، ما عدا تفعيلتي: العروض و الضرب
مثال توضيحي :
كيفما كـان فالشريفُ شـريفُ *** لا يُذل الزمان بالفقر حراًّ
أنواع البيت
تتنوع أسماء بيت الشعر على ضوء بنيته التركيبية، وأهمها ما يلي:
أولا - البيت التام
هو ما كانت تفعيلاته تامة ،كقول الشاعر من الطويل:
ولم أر بدرا قط يمشي على الأرض *** رأيت بها بدرا على الأرض ماشيا
فعول مفاعيـلن فعولن مفاعيـلن *** فعول مفاعيلن فعولن مفاعـلن
ثانيا - البيت المجزوء
هو ما حذف منه التفعيلة الأخيرة من صدره (العروض) والتفعيلة الأخيرة من عجزه (الضرب) كقول الشاعر من الوافر المجزوء :
وقصدي الفوزُ في الأمل *** أنا ابن الجد في العمل
مفاعلْتـن مفاعلَـتن *** مفاعلْـتن مفاعـلَتن
ثالثا - البيت المشطور
هو ما حذف وبقي على شطر واحد0 وتكون التفعيلة في آخر هذا الشطر هي العروض والضرب معا كقول الشاعر في الرجز: -
تحــية كالـورد في الأكــمام *** أزهـى من الصحة في الأجـسام
متفعلن مسـتفعلن مفعولـــن *** مسـتفعلن مستفعـلن مفعولــن
رابعا - البيت المنهوك :
هو ما حذف ثلثا صدره وثلثا عجزه وتكون التفعيلة الأخيرة هي العروض والضرب معا، كقول الشاعر من الرجز: -
ما أغفلك (مســتفعلن )
يا خاطئا (مســتفعلن )
خامسا - البيت المدور
هو ما كان فيه كلمة مشتركة بين صدره وعجزه، كقول الشاعر من الهزج
وما ظهري لباغي الضي *** مِ بالظــهر الذلولِ
مفاعيلـن مفاعيلـن *** مفاعيـلن مفاعيـلنـن
سادسا – البيت المقفى
هو ما كان عروضه مشابها لضربه – وزنا وقافية ، كقول الشاعر من الوافر :
سلامٌ من صبا بردى أرقُّ *** ودمعٌ لا يُكفكفُ يا دمشقُ
مفاعلتن مفاعلتن (فعولن) *** مفاعلتن مفاعلتن (فعولن)
سابعا – البيت المصرع :
هو ما غيرت ( عروضه ) رويا ووزنا لتلحق بوزن الضرب ، كقول الشاعر من الطويل
قفا نبك من ذكرى حبيبٍ وعرفانِ *** وربعٍ خلت آياته منذ أزمانِ
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن *** فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
فإن عروضه ( مفاعيلن) وحقها أن تجيء على وزن (مفاعلن(، ولكنها غيرت بالزيادة لتلحق بوزن الضرب ، لأن وزنه (مفاعيلن)
بما أن علم العروض هو علم بموسيقى الشعر العربي، فإن موسيقاه تعتمد على: الإيقاع والوزن والقافية.
ولما كان الشاعر لا يجهز أفكاره أولا ثم يصبها في قوالب لغوية وموسيقية جاهزة، وإنما يتشكل العمل الأدبي عند الشاعر في عملية متكاملة، تتضافر فيها عناصره كلها، ومنها اللغة والموسيقى، في إبراز التجربة التي يعيشها الشاعر ويريد أن يعبر عنها.
وهذا الذي يفسر عجز الشاعر عن اختيار الوزن الشعري لعمله الأدبي مسبقا. ذلك لأنه لا يستطيع أن يجهز وزنا معينا، ثم يصب فيه كلماته وأبياته، إنما هو يعيش تجربته ، ثم يسجلها كما انبثقت من نفسه فيكون الوزن في النهاية منسجما تماما مع بقية عناصر العمل الأدبي.
والشاعر، يملك حسا موسيقيا، هو جزء من موهبته التي جعلته شاعرا. ولذا فالشاعر عندما يكتب قصيدته لأول مرة، يكتبها كما تنبعث من نفسه، ولا يكون قاصدا صياغتها في وزن معين محدد.