6- وبعد:
فإنّ العربية تتمتع بفرص جيدة لأن تكون في القرن المقبل إحدى اللغات الحية الرئيسة في العالم. ولكنّ كلّ شيء يتوقف على ما ستبذله الأمة العربية من جهود للاستفادة من تلك الفرص وتحويلها إلى واقع عملي. فإذا وعت الجهات التعليمية والثقافية هذه المسألة وقامت بما يلزم القيام به، فإنّ اللغة العربية ستتحوّل إلى لغة ذات مكانة إقليمية ودولية مرموقة.أمّا إذا تقاعست تلك الجهات، فإنّ تقاعسها سيؤدي إلى ضياع الفرص مهما كانت كبيرة، وإلى تراجع المكانة الدولية والإقليمية للعربية وانضمامها إلى قائمة اللغات التي ليس لها أكثر من أهمية محليّة. فأي مستقبل نختار للغتنا وأدبنا وثقافتنا؟
الهوامش
(1) على سبيل المثال فإنّ المركز الثقافي الألماني(معهد غوته) يتلقى من وزارة الخارجية الألمانية دعماً مالياً يربو على(300) مليون مارك سنوياً. (راجع بهذا الخصوص:
Goethe- Handbuch 1997. München 1998)
ومن المؤكّد أنّ المراكز الثقافية لكلّ من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإسبانيا تتلقى من حكومات هذه الدول عوناً مالياً لا يقلّ عما يتلقاه معهد غوته، ولكن تلك الحكومات تترك لمراكزها الثقافية حيزاً من حرية التصرف والاستقلالية يمكّنها من أن تنشط بعيداً عن القيود البيروقراطية والاعتبارات السياسية الرسمية. وهذا أحد الأسباب الهامّة لنجاح تلك المراكز في أداء أدوارها. وفي مطلق الأحوال فإنّ التجارب الغربيّة في العمل الثقافي الخارجي تستحق أن ندرسها ونقوّمها وأن نستفيد منها في عملنا الثقافي الخارجي.
(2) وعلى سبيل المثال فإنّ"تعليم اللغة الألمانية كلغة أجنبية" قد ترسخ في الأعوام القليلة الأخيرة وتحول إلى مجال رئيس من مجالات دراسة اللغة الألمانية وآدابها. راجع بهذا الشأن:
R. Ehnert/ H.Schr?der (Hg) : Das Fach Deutsch als Fremdsprache in den deutschsprachigen Landern . Frankfurt/ M:Lang, 1994.
(3) في ألمانيا تتلقى المدارس الخاصة دعماً مالياً يتناسب مع عدد الأجانب الذين يتعلمون فيها اللغة الألمانية، مما يشجع تلك المدارس على إحداث شعب لتعليم الألمانية للأجانب، ويدفع كثيراً من المدرّسين الباحثين عن عمل لأن ينشطوا في هذا المجال.
(4) مثال ذلك الرابطة الاختصاصية"الألمانية كلغة أجنبية"
(Fremdsprache - als- Fachverband Deutsh) التي تضم معظم المتخصصين في شؤون تعليم الألمانية لغير الناطقين بها. وتصدر عنها مجلة علمية متخصصة هي(Fremdsprache - als - Informationen Deutsh) ، يضاف إلى ذلك"الرابطة الدولية لمدرّسي اللغة الألمانية" (Internationaler Deutschleherverband)
(5) بخصوص الترتيبات اللغوية المعمول بها في منظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والهيئات الدولية والإقليمية الأخرى راجع:
K. - R. Bausch, H. Chtist, W. Hüllen, H. - J. Krumm(Hg) : Handbuch Fremdsprachenunterricht, Tübingen, 1989, S. 8
(6) راجع بهذا الخصوص: Ebed. , S. 100- 150
(7) تستفيد فرنسا في مسعاها هذا من منظمة الدول الفرانكفونية، وتصرّ الحكومة الفرنسية على إدراج تعليم اللغة الفرنسية في كلّ المعاهدات الثقافية الثنائية التي تعقدها مع الدول الأجنبية. ويكفي أن نذكّر بالسياسة اللغوية العدوانية التي اتبعتها فرنسا في مستعمراتها، وحاولت من خلالها اقتلاع اللغات الوطنية للشعوب المستعمرة وإحلال الفرنسية محلّها. والمثال الصارخ على ذلك هو القطر الجزائري الشقيق، الذي مازال إلى اليوم يعاني من عقابيل سياسة الفرنسة.
(8) إنّ خدمة اللغة ورعايتها تتطلب إنفاق مبالغ مالية طائلة، ولكن اللغة تعود على المجتمع بفوائد مادية نتيجة تسويق المواد والخدمات المتعلقة بها. وهكذا يمكن التحدث عن"اقتصاديات اللغة".
(9) حول هذه المسألة راجع:
U. Ammon: Die Internationale Stellung der deutschen Sprache. Berlin: Walter de Gruyter, 1991.
(10) من الدول العربية التي لها حضور ملحوظ في مضمار تعليم اللغة العربية للأجانب الجمهورية التونسية(معهد الحبيب بورقيبة) والجمهورية العربية السورية والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية. راجع بهذا الشأن: علي أحمد مدكور: تقويم برامج إعداد معلمي اللغة العربية لغير الناطقين بها.الرباط، منشورات الإيسكو، 1985.
(11) صدر إلى الآن ثلاثة أجزاء من هذا الكتاب، وقد تولت نشره المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم(تونس)
(12) راجع بهذا الخصوص: كتاب الإيسيسكو للتعليم الذاتي(تعلموا العربية. إعداد مجموعة من الخبراء. الرباط 1996)
(13) راجع بهذا الخصوص: قاسم عثمان نور: بيبليوغرافيا مشروحة لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها. المجلة العربية للدراسات اللغوية، م6، ع1- 2، شباط 1988، ص51- 104 .
(14) لمزيد من المعلومات راجع: رشدي أحمد طعيمة: تعليم العربية لغير الناطقين بها. مناهجه وأساليبه. الرباط(إيسيسكو) 1989 .
منقول
تقبلوا مني فائق التقدير والاحترام